الكتاب السادس

مختارات من اقوال البوذا

1-  أنشودة النصر

2-  خطبة بنارس

3-  الصمت الذهبي

4-  شجرة السمسابة

5-  حبة الخردل

6-  الشريعة السمحة

7-  الحقول الثلاث

8-  الطوق

هذه المقطوعات من اختيار وترجمة المؤلف خصيصاً لهذا الكتاب .

**********

 أنشودة النصر

هذه هي انشودة النصر التي ترنم بها غوتاما عندما بلغ الإستنارة

كم من نزل للحياة أحتواني

ورحت أبحث الباني

باني هذا البيت من عناء

وكان سعياً حثيثاً بلا انتهاء

لكنني اليوم وجدك

يا باني هذا البيت وجدتك

وسوف لا تبني بيتاً عداه

لقد تهاوت عمد الوهم

وانهار من اساسه البناء

وغدوت طليقاً التمس الفناء 

___________________________________________________

الفناء هو فناء الشهوات والرغبات

**********

خطبة بنارس

هذه هي الخطبة الأولى التي القاها المستنير في حديقة الغزلان ببنارس على الزهاد الخمسة الذين كانوا رفقائه في زهده الأول.

هناك طرفان متباعدان وعلى من سلك سبيل الزهد

في الدنيا ان يتجنبها فما هما هذان الطرفان المتباعدان

الطرف الأول الإنهماك في اللذات والمسرات الحسية

وهي دميمة خسيسة غير مجدية

والطرف الثاني تعذيب النفس تعذيباً ذميماً خسيساً

غير مجدي

واجتناب هذين الطرفين عرف

الإستنارة بالطريق الوسيط الذي يفتح البصيرة

ويمنح المعرفة ويقود الى السكينة والحكمة السامية

والإستنارة الكاملة والنرفانا

وما هو الطريق الوسيط - ايهما الناساك - الذي بلغ

به الإستنارة التي تفتح البصيرة

وتمنح المعرفة وتقود الى السكينة والحمة السامية

والإستنارة الكاملة والنرفانا

إنه الطريق الثماني :-

الرأي الصحيح  المعاش الصحيح

القصد الصحيح  لجهد الصحيح

 الكلام الصحيح  التفكير الصحيح

 العمل الصحيح  التركيز الصحي

__________________

هذه هي الحقيقة السامية الاولى عن:  الألم المولد - ألم الشيخوخة - ألم المرض - ألم الموت - ألم الإجتماع بما لا يسر - ألم الإفتراق عما يسر.وبالاختصاركل المجمعات الخمسة التي يتألف منها كياننا ألم.

وهذه هي الحقيقة السامية الثانية عن سبب الألم.  انه الأشتهاء الذي يقود الى تعدد الموالد مصحوباً باللذة والرغبة والإغتباط بالأشياء هنا وهناك.  اعني اشتهاء البقاء .

وهذه هي الحقيقة السامية الثالثة عن انعدام الألم وانها القضاء التام على الإشتهاء فلا يبقى اثر للرغبات.

وهذه هي الحقيقة السامية الرابعة عن الطريق الذي يقود الى انعدام الألم.

الرأي الصحيح  المعاش الصحيح

القصد الصحيح  لجهد الصحيح

 الكلام الصحيح  التفكير الصحيح

 العمل الصحيح  التركيز الصحيح

وهكذا ادار المستنير عجلة الشريعة في حديقة الغزلان كما لم يدرها من قبله احد في الدنيا.

********** 

الصمت الذهبي

وخطر ببال احد النساك ان يسأل البوذا

عن المسائل التي لم يبينها لهم في احاديثه معهم

وأهمها هل هذا العالم أزلي أو غير أزلي

هل هو محدود أم غير محدود وهل النفس والجسم شيئواحد ام

النفس شيئ والجسم شيئ آخر

هل الطرفاتة يوجد بعد موته ام لا يوجد أم هو

موجود وغير موجود أم هو لا وجود ولا غير موجود

بعد الموت.

وقال الناسك في نفسه لأذهبن الى المستنير وادنو

منه مستفهماً عن هذه الأشياء فان لم يجيبها لي

بوضوح فأني تارك المنسك وعائد الى الدنيا.

وهكذا في المساء ترك الراهب صومعته قاصداً المستنير

ولما دنا منه حياه باحترام وجلس ثم توجه اليه بالسؤال

يا سيدي المعظم لقد خطر ببالي وانا في تأملاتي ان أسألك

عن هذه الأشياء التي لم توضحها لنا بعد وهي:

 هل هذا العالم أزلي أو غير أزلي

هل هو موجود أم غير موجود وهل النفس والجسم شيئ آخر

هل الطرفاتة يوجد بعد موته ام لا يوجد

 أم هو

موجود وغير موجود أم هو لا موجود ولا غير موجود

بعد الموت.

وقد قلت في نفسي اذا لم يوضح لنا المستنير

هذه المسائل فانا تارك المنسك وعائد الى

الدنيا اما اذا كان المستنير لا يعرف اذا

كان هذا العالم ازلياً او غير ازلياً فليقل لنا ذلك

فالطريق الوحيد لمن لا يعرف أو

ليست له بصيرة ان يقول انه لا يعرف وان لا يصر له بهذه الامور.

فأجابه المستنير

اني لاسألك يا - ملكوتا - هل قلت لك يماً تعال وتنسك

عندي وأنا اوضح لك هذه المسائل

فأجابه الراهب: كلا. لم تقل لي ذلك

فقال البوذا

هكذا انت تعرف بأني لم أقل لك ذلك اذن اعلم

بأن من من يقول مثل هذا القول سوف يموت قبل ان

يوضح له التطغاتة هذه المسائل

ان هذه الحال اشبه برجل اصابه سهم سم فجلب

له اصحابه طبيباً جراحاً ليغترع عنه السهم ولكنه

قال لهم سوف لا اسمح للطبيب ان ينزع هذا السهم قبل

ان اعرف فيما اذا كان السهم الذي اصابني من طائفة

المقاتلة ام البراهمة ام الزراع واعرف اسمه وقبيلته

وصفاته ولون بشرته وطول قامته وموطنه

ان من يقول مثل هذا القول سيموت قبل يعرف شيئاً

          وهكذا يا - ملكوتنا - كل من ىيقول انه سوف لا يحي حياة المستنير سوف يموت

قبل ان يشرح له الطتغاتة شيئاً منها

لذلك فلنتذكر - يا ملكوتنا - ما قلته وما لم اقل

اني لم اقل لكم فيما اذا كان هذا العالم ازلياً

أم غير أزلي محدود أم غير محدود وفيما اذا كان

الطتغامة يوجد بعد موته أم لا يوجد

ولماذا لم أقل لكم شيئاً عن هذه المسائل

ذلك انها لا تجدي ليست بلازم لحياة الفضيلة

وهي لا تعين على الزهد وعدم الاشتهاء والسكينة

والحكمة السامية والمعرفة الكبرى والنرفانا

والذي قلته لكم

وضحت لكم الشفاء ومنبع الشفاء ومنع الشفاء

والطريق المؤدي الى المنع ولماذا وضحت لكم هذه الأشياء

لانها مجدية ولأنها لازمة لحياة الفضيلة ولانها

تعين على الزهد وهدم الأشتهاء والسكينة والحكمة

والمعرفة الكبرى والنرفانا.

********** 

شجرة السمسابة

وذات يوم

اخذ البوذا وريقات من شجرة السمسابة في يده

وقال للرهبان

والأنماذا تظنون ايها اكثر عدداً هذه الوريقات

التي في يدي أم الأوراق التي في غابة السمسابة

فاجابه التلاميذ ان الوريقات التي في يدك قليلة

ام الأوراق التي في الغابة فأكثر بكثير

فأجاب البوذا

هكذا ايها الرهبان الأشياء التي افضيت بها اليكم

فقليلة أما الأشياء التي لم افض لكم بها فأكثر بكثير

وتسألون لماذا لم افض لكم بها.  ذلك لأنها لا صلة

لها بالهدف ولأنها ليست بلازم لسكوك الطريق

ولأنها لا تعن على الترك وعدم الأشتهاء والسكينة

والمعرفة الكبرى واليقظة والطتغاتة لذلك لم افض لكم بها

وما الذي افضيت لكم به افضيت بأمر الشفاء

ومنشأ الشفاء ومنع الشفاء والطريق المؤدي الى

منع الشفاء

ولماذا افضيت لكم بهذه الأشياء

لأنها تتصل بالهدف ولأنها لازمة لسلوك الطريق

ولأنها تعين على الترك وعدم الأشتهاء والسكينة

والمعرفة الكبرى واليقظة والنرفانا.

********** 

حبة الخردل

كانت امرأة فقيرة لها ولد وحيدهو كل ما لديها في هذه الدنيا وكانت كل امال الأم معلقة به.  وفجأة مات الولد فهلعت الأم لفقده وطار صوابها فحملته على صدرها وخرجت تطوف على بيوت الحي تسألهم:  هل عندكم شفاء لولدي؟

وكان الذين يرونها يهزأون منها ويقولون في انفسهم لقد ذهب لبها وإلا فكيف تبحث عن دواء لولدها الذي مات.

ولقيها في طوافها رجل حكيم رق قلبه لحالها فقال لها اذا اردت دواء لولدك فهناك رجل واحد يملك هذا الدواء وهو الزاهد غوتاما في المنسك القريب من هنا فأتجهت المرأة الى المنسك فاذا بالطتغاتة جالس في مكانه المعتاد فلما رأته قالت له:  ايها المكرم جئت التمس دواء لولدي.  وراءها المستنير وعرف حقيقة امرها فقال لها:  لقد احسنت صنعاً بمجيئك هنا والأن اذهبي أولاً والتمسي لي قليلا من حب الخردل من البيوت المجاورة على شرط ان لا تأخذي الحب من بيت لم تدخله الأحزان.

 فخرجت المرأة وراحت تطوف الحي بيتاً بيتاً تلتمس حبات الخردل فوجدتها في كل بيت ولكنها لم تجد بيتاً واحداً لم يدخله الموت.  وعند ذلك ادركت المرأة الحكمة التي عناها المستنير فعادت ووضعت الولد في المكان المعد للموتى وودعته قائلة : لقد كنت اظنك وحدك فريسة الموت ولكنني ايقنت الأن بأنك لست وحدك وان الموت ناموس مسلط على الأحياء اجمعين.  وعادت غوتامي الى المستنير فقال لها: هل وجدت الخردل؟  فقالت كلا ولكني وجدت العزاء.  فأنشد المستنير :

كمن يهجم السيل الجارف على القرية النائمة

هكذا يهجم الموت الرجل الذي شغل

بما لديه من مال وبنين.     

********** 

الشريعة السمحة

لقد تخلصت من كل حبائل الجن والناس

وانتم ايها الرهبان قد تخلصتم ايضاً من كل

الحبائل.  حبائل الجن والناس

سيروا ايها الرهبان في الأرض لبركة الجميع

وسعادة الجميع وصلاح الجميع شفقة بالعالم

سيروا لصلاح وبركة وسعادة الجن والناس

لا يسير منكم اثنان في طريق واحد نادوا

بالشريعة سمحة في بدايتها سمحة في وسطها

سمحة في نهايتها

اشرحوا بالمعنى واللفظ الطريق البرهمي

كاملاً ونقياً تاماً

هناك كثيرون غشت عيونهم ذرات من غبار

لم يسمعوا بالشريعة فاصابهم الموات

ولكن لو استمعوا للشريعة لأنتعشوا ونموا.

__________________________________________________

الجن هنا ترجمة لكلمة بمعنى مخلوقات نورانية خفية

 

******************** 

الحقول الثلاث

 

سأل أحد مشايخ القرى المستنير قائلاً :

هل الطتغاتة رؤوف بكل المخلوقات؟  فأجابه : نعم ايها الشيخ

وهل يعلم الشريعة كاملة لبعض الناس وغير كاملة للبعض الأخر ؟

فأجابه المستنير : ايها الشيخ ماذا تظن ؟ هب ان فلاحاً

عنده ثلاثة حقول واحد جيد التربة والثاني متوسط التربة

 والثالث ضعيف التربة فلما أراد ان يبذر الحب

فأي الحقول يختار أولاً ؟

فأجاب الشيخ :

يبدأ بالحقل الجيد ثم الذي يليه في الجودة ثم بالثالث

إذا شاء فقد يصلح علفاً للبهائم

فأجاب المستنير :

هكذا ايها الشيخ ان الناسكين والناسكات من اتباعي

هم الحقل الجيد ولهؤلأ أنا اعلم الشريعة السمحة

في بدايتها سمحة وفي وسطها سمحة وفي خاتمتها

اعلم بتامعنى وبالحرف واعرفهم الطريق البرهمي

كاملاً ونقياً تماماً

ولماذا ؟  لأنهم يلوذون بي توراً وملاذاً وحصناً ومنجاة

ثم تأتي بعدهم عامة الشعب وهم الحقل الثاني

ذي التربة المتوسطة الجودة ولهؤلأ ايضاً أنا أعلم الشريعة

واوضح الطريق البرهمي كاملا ونقياً تماماً لإنهم

يلوذون بي توراً وملاًذاً ومنجاة

أما الزهاد والسائحون من الطوائف الأخرى فهم

الحقل الثالث ولهؤلأ أوضح الطريق البرهمي كاملاً ونقياً تماماً لأنهم اذا فهموا ولو يسيراً من الشريعة

فسيكون ذلك لسعادتهم وصلاحهم زمناً غير يسير .

********** 

الطوف

ايها الناسك

اريد ان اعلمكم الشريعة هذه مثل الطوف الذي للعبورعليه

ليس للأحتفاظ به.  فأستمعوا له جيداً إذ اتكلم

هنا رجل وجد نفسه على شاطئي مخيف غير آمن.

أمامه البحر ووراء البحر شاطيئ آمن غير مخيف فاذا كان

الرجل لا يملك قارباً يعبر به ولا جسراً يمر عليه ليبلغ الأمان

فأنه يسأل نفسه لو جمعت تبناً من الحطب

وأغسان الشجر وجعلت منها طوفاً استعين به مجدفاً

بيدي ورجلي ليبلغ الشاطيئ الأمين فأذا تمّ له ما اراد وعبر

البحر يقول في نفسه لقد كان هذا المطوف نافعاً لي فعليه

بلغت الشاطيئ الثاني ولذلك فهو يحتفظ به حاملاً الطوف

على رأسه أو كتفه وسائراً به.

هل اذا فعل ذلك يكون فعله صحيحاً؟

فأجابه النساك : كلا فقال المستنير :

ولكن اذا قال في نفسه لقد كان هذا الطوف نافعاً

لي وعليه عبرت من الشاطيئ الأمين

ولكني استطيع الأن أن أتركه علي الشط او القي به

في البحر وأتابع سيري كما أشاء.

اذا فعل ذلك ايها النساك يكون فعل فعلاً صحيحاً

هكذا الشريعة التي أعلمها لكم تساعدكم علي العبور

الى بر الأمان فأذا فهمتم المثل استطعتم أن تتخلصوا

من حالات الفكر الحسنة والسيئة على السواء.