1

الداما

2

العلة والمعلول

3

مالسكرا

4

 الكاما

5

تعدد الموالد

 

 

  راهولا يتكلم

 

إن كلمة  "الروح" او "الذات او النفس" تعني في الغالب هذا الجزء من الإأنسان الذي يقال انه باق بعد الموت .  فبعض الأديان تقول ان كل انسان له "ذات" خلقها الله .  وهذه الذات لا تفنى بفناء الجسد بل تبقى لتؤدي الحساب وتنال ما تستحقه من ثواب او عقاب .  هناك اديان اخرى كالهندوكية تقول بأن الذات او الروح او "الأتمان" تنتقل من جسد الى أخر وتعود الى الحياة المرة تلو المرة حتى تتطهر من الأدران وتتحد "براهان" او الذات الكبرى التي منها نشأت .  ولكن البوذية تنفرد عن سائر الأديان بالقول بأن فكرة وجود ذات او روح او اتمان انما هي متخيلة لا تستند على دعامة من الواقع .

ثم تقول ان هذه الفكرة هي منشأ الأنانية والأشتهاء والبغضاء والحيازة ومنبع كل الخصومات والمشاحنات والحروب بين الأفراد والأمم.

ويمضي راهولا فيقول : أنه حسب قانون العلة والمعلول وحسب ما رأينا من تركيب البدن من المجمعات الخمس ففكرة وجود شيئ ما له صفة الدوام في داخل البدن او خارجه تعتبر في نظر البوذية من الأفكار الخاطئة .

وقد يقول البعض ان ليس في تعاليم البوذا ما ينص صراحة على عقيدة "اللاذات" وهذا صحيح مسلم به .  ولكن من المتفق عليه ايضاً ان تعاليم البوذا لم تدع مجالا للشك في ان الإنسان مركب من هذه المجمعات الخمس وليس فيه من شي~ سواه .

ولا يُفهم من هذا أن التعاليم البوذية من "اللا ذات" تعاليم سلبية .  ذلك انها كمسألة "النرفانا" مسألة حق والحق لا يقبل السلبية . 

 

  

الدامــــــــــأ

 

والان ماهي خلاصة التعاليم التي بلغها المستنير بعد استنارته. اننا نستطيع ان نلخص هذه التعاليم في كلمة واحدة هي "الداما" وتقابلها كلمة دارما في اللغة السنسكريتية. وهي لفظ فى اللسان البالى ذات معان كثيرة فهى تعنى الحق او التعليم او العقيدة او البر او التقوى او الناموس العام الذى ينبع من قلب الإانسان ومن فكره. ولذلك فاننا نجد المستنير يخص الناس على ان يكونوا سلام ووفاق مع الناموس العــــــــــــــــام الذى ينبع من داخل النفس.

وهذه الداما لا توجد في قلب الانســـان وعقله فحسب ولكنها تسود الكون كله. بل يمكننا القول بان الكون مظهر من مظاهر هذه الشريعة الثابتة فعندما تشرق الشمس وتغرب ويطلع القمر ويغيب وتغيم السماء وتصحـــــو. وعندما تتبدل الفصول ويحصد الزرع  وتفيض الانهار وتنحسر. فأنما يجري ذلك كله في وئام وفقا لهــــذه الشريعة الثابتة. فاذا كان الإنسان في وئام مع هذا الناموس العام امكنه النجاة من  الشقاء والتحرر من الأ لم.

وقد يسأل سائل كيف يكون الإنســـان في وئـــام مع الدامـــا. ان ذلك لا يكون بالصلوات والإبتهالات بل يكون في سلوك طريق النقاء  بضبظ الحواس ومراقبة الفكر وتنقيـــة القلب.

ولذلك فقد قيـــل ان البوذية هي ديانة وسلوك قبل ان تكون ديانة تعبد. وهي في الواقع ليســــت بديــــانه وانما هي "طريــــــــق" ذلك ان البوذية لا يلتزم اتباعها بعقائـــد يجب الايمان بها كعقيدة الايمان بوجود كائن اسمى. او عقيدة وجود الروح وخلودها. او عقيدة الدينونة. وانما هي كما اسلفنا طريق الى الاستنارة والحق. وهي لا تقوم على  افتراضات عن السبب الأول ولا تدعى لنفسها انها تكشف الحق كله للأنسانية في كل مراحلها وانما سبيلها المنطق والعقل وتؤامها الأعتماد على النفس وفي هذا يقول البوذا:-

"الإنسان يصنـــع الشر بنفسه"

والإنســـان يتجنب الشر بنفســــه

فطهـــرالانســـان ونجســه ينبعان من داخله

وهيــهيات ان يطهر الإنســـان انســــــاناً.

 

ولكن لا يتبادر الى الذهن ان الاحتكام الى العقل هو كل شئ في البوذيه ففيها الخشوع الذى يصل بالمريد للحق.  والبوذيه اذ تعزل الايمان عن عرشه فهى تضع في مكانه الثقة المستنيرة القائمة على الواقع الصحيح.

 والبوذي يضع ثقته في الالتجاءات الثلاثة وهي المستنير والشريعة والنسك او البوذا والداما

و السانغا  وتبدأ الاجتماعات الدينويه بتلاوة الالتجاءات الثلاثة هكذا.

جعلت المستنير ملاذى

جعلت الشريعة ملاذى

جعلت النسك ملاذى

ومعنى هذا ان البوذي  يتخذ من المستنير ملاذا لانه المعلم الكامـــل الاستنارة الذى هدى الى طريق النجاة من الشقاء. ويتخذ الشريعة ملاذاً لانه بالمحافظة عليها يبلغ ما يبلغه  المستنير من الاستنارة والحكمة " النيرفانا" ويتخذ المنسك ملاذاً لانه جماعة الرهبان الذين بلغوا الاستنارة او هم في الطريق اليها سالكون.

  ويتسأل البعض هل يعبد البوذا. والجواب بالنفي. فالبوذي الحق لا يعبد البوذا ولا يتقرب اليه بدعاء التماسا لنفع او دفعا لضر.اما التمثال الذى قد يقف امامه البوذي خاشعاً قائماً يمثل شخصاًً محبوباً لديه يريد ان يخصه بالتكريم والشكر لأنه الهادي الى الطريق الصحيح واما مايقدم من نزور وبخور وزهور فانما يكون تعبيرا عن هذا التكريم والامتنان. والكلمات التى يرددها البوذي انما هي ترديد لفضائل البوذا وهذا مثال منها:-

"هذه الزهور اقدمها لذكرة بوذا

المستنير الكامل الاستنـــــارة

ان هذه الزهور جميلة الشكل

هكذا كل المخلوقات ايلة الى الزوال

ولذلك فنحن نتطلع الى النيرفانا

حيث السلام والدوام"

 

ولا توجد في البوذيه صلوات او دعوات ولكن فيها التأمل الصامت الطـــويل الذى يهئ الفكر لرؤيه الحقيقة. والكون في نظر البوذي محكوم بالداما وهي كما اسلفنا شريعة بر ثابتة لا تغيير فيها ولا تبديل وليست بحاجة الى دعــــاء او إبتهال. اما الخطيئة فهى ثمرة الجهل. جهل الإنسان بحقيقة الوجود والجهل يقود الى الأاحزان وواجب الإانسان أن يعرف الشريعة ويتفهمها ولا يتعداها وان لا يطلب لا تحويلا او تعديلا بدعاء او رجاء او بكاء.

 

   

العلة والمعلول

 

لقد ظلت البوذية خلال خمسة وعشرين قرنا تجمع بين التعقل والتأمل وبين الفلسفة والدين. فلنحاول الأن ان نتفهم بعض الحقائق التى اهتدى اليها المستنير ببصيرته وحكمته والتى قام عليها صرح الديانة البوذية.

يرى الهندي عامة والبوذى خاصة ان الحياة بلا بداية او نهاية لان العلة والمعلول شيئان متلازمان متعاقبان في دائرة مفرغة . فيصير المعلول علة لغيره. وهكذا الى ما لا نهاية. ويسرى هذا القانون على كل الكائنات فالمولد يتبعه الموت والموت يعقبه المولد بل ان الموت والحياة مظهران من مظاهر الكون. والكون في رأى البوذى منشؤو ولكنه لم ينشأ من عدم بل من بقايا اكوان سبقت. وعندما يتبدد هذا الكون ينشأ من ركامه كون جديد.

ويرى البوذى ان الوجود أشبه بعجلة ذات اثنى عشر ترسا ومن اهم تروسها اثنان :  الجهل والاشتهاء والناس مربوطون الى العجلة برباط من الجهل والاشتهاء ويظلون كذلك حتى يستنيروا  فيقلعوا عن الاشتهاء وعند ذلك تتقطع الأغلال ويتحرر الإانسان من اسار العجلة الدوارة بالمولد والموت ويهتف مع البوذا انشودة النصر التي يقول فيها:-

ياباني هذا البيت وجدتك

وسوف لا تبنى لي بيتا عداه

لقد تهاوت اعمدة الوهـــم

وانهار من اســــاسه البناء

وغدوت طريقاً ألتمس الفناء

 

وقد اكمل احد تلاميذ البوذا هذه القريده بقوله:-

من كل الاشياء التي تنشاء بسبب

فقد بين لنا " الوطثقاته" السبب

كما اجملها الفيلسوف المعاصر (رادهاكرشتان) بقوله :-

لكل شيء سبب وهو بدوره يكون سببًا لغيره. هذا

البدأ البسيط يحكم الكون كله. الناس والملائــكة

والسموات والارض. وهو يسرى لا على هذا الكون

الفسيح فحسب بل يسرى على مجريات الامور

في حياة الانسان والامم. فاذا استطعنا

ان نعرف ونزيل سبب الشقاء استطعنا بذلك

ان نزيل الشــــقاء ذاته"

ثم يقول بعد ذلك:- ان الاشتهاء هو السبب وهذه الحقيقة اكثر وضوحا في عجلة الوجود ذات الاثنى عشر ترسًا .

وينشأ من هذا الفهم لحقيقه الكون الثلاث حقائق السامية بمثابة حجر الزاوية في بناء البوذية. والحقائق الثلاث هي:-

جميع المخلوقات ايلة للزوال

جميع المخلوقات بلا ذات

جميع المخلوقات سبب للشقاء 

اما ان المخلوقات جميعها ايلة الى الزوال فذلك ان كل مظاهر الحياة قد جمعت في خمس مجمعات هي البدن والاحاسيس والادراك والتصور والوعي. فالبدن اشبه في ذلك بقطعة الفخار التي قد تكون كوبا او طبقا او  ابريقا  وهي وان تباينت شكلا فهى واحدة في مادتها.

والفكر او العقل هو احد هذه المجمعات. وهو اشبه بالطاقة الكهربائية واشعاعاته عناصر ذهنيهة تقابل عناصر  المادة. والإنسان في الحقيقة مظهر من مظاهر هذه الطاقة الفكرية. وقد تتطور وتتدرج في السموحتى تصبح قادرة على التغلب على عناصر المادة وعلى قوة الجاذبية الأرضية ولذلك فهى تتخذ أجساماً جديدة تلائمها. ومجمل القول ان ليس في الإنسان من شئ ثابت او دائم مما يمكن ان نسميه "ذاتاً"أاو روحاً وفكره " الاذات" هي الفكرة التي تنفرد بها البوذية عن سائر الاديان وتفترق عندها عن امها الهندوكية.

وفي الدفاع عن هذه الفكرة- التي طال فيها الجدل حتى بين المدراس البوذية المختلفة- يقول علماء البوذية ان فكرة " الذات" لا تقوم على شئ من الواقع الملموس وان هذه الفكرة هي التي تسبب الانانية. فحول "الأنا" يقيم الانسان السدود والحدود التي تفصله عن اخيه الانسان. وبسب "الانا" تقوم البغضاء وينشاء حب التسلط والسيادة والحيازة وهي منشأ كل المتاعب التي تعاني منها الافراد والجماعات.

واذا قبلنا فكرة " الاذات" نشأ سؤال اخر. ماالذي يتبقى اذًا من الانسان. وما الذي يتبقى من حياة لحياة. والجواب على هذا السؤال يتلخص في ان سبب الشقاء كما قلنا هو الاشتهاء او الظمأ الى الحياة. وهو الذي تسميه البوذيه الكاما. فالظمأ الى الحياة يعيد المرء الى الحياة ويبني البيت من جديد.

  مالسكرا

والأن فلنستمع الى رأي ًعالم اخر من علماء البوذية هو الأستاذ "ج ز ب ز مالسكرا" رئيس مجمع البوذيين العلمي والسفير السابق لحكومة سيلان في الأتحاد السوفيتي ورئيس تحرير دائرة المعارف البوذية التي تنشر الأن في سيلان .  يقول مالكسرا في الفصل الرابع من كتابه (البوذا وتعاليمه) ما يلي :

والأن فلنسأل ما هي هذه الذات او "الروح" التي يذكرها البوذا ؟

يقول بأيجاز أنه هذا الشئ الذي يعتقد بأنه باق ومستقل من البدن وموجود في الأنسان منذ ولادته الى وقت مماته والذي يظل موجوداً بعد الموت في مكان ما في النعيم او الجحيم الى الأبد .  ويعتقد ان لكل انسان "ذات" خاصة به وهي قبس من الله مودع في الأنسان على ان يعود في النهاية الى الخالق.  وما دام الأنسان حياً فالذات هي التي تفكر كل الأفكار وتأتي بكل الأعمال وتسيطر على البدن بوجه عام.  وهي ليست مسيطرة على البدن فحسب ولكنها تسيطر على العقل وتجمع المعرفة عن طريق الحواس.  مع انها لا ترى بالعين.  ولا تبلغ الكلام ولا تدرك بالعقل فوجودها مسلم به بالأيمان.

ولذلك يقول اصحاب هذا الرأي بأنه بدون الذات لا يمكن ان يوجد الخلود وبدون البقاء بعد الموت تغدو الحياة غير مستحقة بأن تعاش. 

كما يقولون بأن وجود الذات هو وحده الذي يضمن لكل فرد ان ينال جزاء اعماله إذ بدونها لا يمكن ان يكون ثواب في الجنة او عقاب في النار.

اما البوذية فتنكر كل هذا وتقول بأن الإعتقاد بوجود ذات دائمة من أخطر الأخطاء وافدحها وهذا الإعتقاد يقود صاحبه إلى الأحزان والشقاء.

والواقع ان هذا الإعتقاد هو في رأي البوذا السبب الأساسي لكل المصاعب إذ انه يولد الأنانية وينشىء الإشتهاء والظمأ الى الملذات ويدفع بالناس الى محيط "السمسارة" اي الوجود المتكرر.

وقد وصل البوذا الى عقيدة "أللاذات" عن طريق التحليل.  فالإنسان عنده مكون من عنصريين اساسيين : البدن والعقل  والبوذية لا تقول بالبدن وحده او بالعقل وحده بل تقول بتفاعل الأثنين معأ ومن تفاعلهما توجد الحياة.

  ولنبدأ بالبدن :  نحن نقول ان البدن ملك لنا منذ ولادتنا ولكننا في الحقيقة لا نملكه.  لأننا لا نستطيع السيطرة عليه فهو يشيخ ويمرض ويموت.  وفي كل لحظة تموت اجزاء منه كالشعر والأظافر والجلد وكذلك ملايين الخلايا.  بل انه في تغيير مستمر فالطفل يصير شابأ فرجلاً فشيخأ هرمأ.  وكل من بلغ السبعين او كاد يجد انه قد سلخ ابداناً كثيرة متغايرة.  والعقل كالبدن او اكثر تغييراً.  فهو يتركب من اشياء كثيرة : الأفكار والأحاسيس والمشاعر.  فهذه كلها تتغير في كل لحظة.  وهذا التغيير امر لازم للنمو والتقدم والإرتقاء.  اما اذا قلنا بأن "الذات" صادرة من عند الله الكامل المعرفة البالغ حد الكمال فمعنى هذا انها تكون منذ البداية كمصدرها كاملة المعرفة والنقاء ولا تحتاج الى تطور في سبيل الكمال.  وهذا ما يخالف الواقع.  فنحن نعرف بالتجربة بأن صفاتنا وافكارنا واحاسيسنا تحتاج الى رقابة دائمة وهمة عالية للنمو في طريق البر والنقاء.  وانه بدون هذه الرقابة الدائمة والسهر الطويل لا يتحقق  للإنسان تقدم.  ويختم كلامه بقوله:  اذن فنحن لا نملك دليلاً على وجود ذات ابدية مقدسة في انفسنا لحسب بل على النقيض لا نجد دليلاً على وجود هذه الذات ولذلك فأنه من العبث ان نناقش هذا الأمر او نفكر فيه.

ويختم هذا البحث بكلمة لأحد علماء اللاهوت المسيحيين في القرن الثالث عشر اسمه وليم اوف اوكهام من (رهبنة) الفرنسيسكان في بلاد الانجليز. يقول هذا الفيلسوف عن النفس "ليس لدينا وسيلة مضمونة لنعرف بها عن ثقة سواء بالفكر او التجربة بأن شكلاً كهذا يوجد فينا او ان ذاتاً كهذه توجد فينا  او ان روحاً كهذه توجد في البدن.  ولكننا نعتقد هذه الأشياء الثلاثة بالأيمان وحده.

 

  

الكاما

 الكاما هي القانون الساري النفوذ في عالم الأخلاق كما ان قانون العلة والمعلول هو القانون الساري النفوذ في عالم الطبيعة.

و الكاما كلمة في اللسان البالي معناها "الفعل" ويراد بها الأفعال الأرادية بأنواعها الثلاثة بالفكر او اللسان او باليد. و الكاما او الفعل السيئ ينتج اثراً سيئاً والكاما الحسنة تنتج اثراً حسناً وأثر الكاما يسمى "الثمرة".  والكاما تؤثر على الحاضر ولكن لا تقرر مصيره.  فالماضي هو الخامة التي يصنع منها الحاضر. وعلى حسن صنيعتنا او قبحه في الحاضر يقوم المستقبل ولذلك فالبوذية تعتبر الزمن الحاضر هو كل شيئ بالنسبة لنا.

والكاما لا تظلم ولا تبغض ولا تعاقب ولا تثيب ولا تغضب ولا ترضى ولكنها تعمل فينا دون ان تعرف عنا شيئاً.  وهي كالعدالة تعمل معصوبة العينين.

ونحن اذا تأملنا فيما حولنا وجدنا اشياء كثيرة تحتاج الى تفسير.  كتفاوت  الأعمار والأرزاق.  فهذا لا يرزق إلا الكفاف او ما هو دون الكفاف.  وأخر يولد في أحضان الوفر والثراء.  هذا يموت شاباًً وذاك يبلغ ارزل العمر. ما علة هذا التفاوت؟؟  ان البوذية تعزو تفاوت الأرزاق والأعمار والحظوظ الى تفاوت الأعمال او " الكاما" في الماضي. ولذلك فهي تعتبر  ألإأنسان وحده مسؤولاً عن عمله وهو الذي يصنع نعيمه او جحيمه بنفسه.

والكاما بهذا الفهم تعلم الأنسان الصبر.  فاذا ايقن الإنسان انها بجانبه لم يقلق ولم يثر في حالات الألم أو الحرمان.  إذ يعرف انه يسدد ديناً  مستحقاً. والكاما تعطي الإنسان الطمأنينة لأنه يعرف انها لا تحابي.  والإنسان في أمان ما دام تحت سلطانها.

والكاما تفتح امام الإنسان افاق المستقبل.  وتملأ النفس بالثقة.  وهي تضبط الإنسان عن الشر لأنها تعلمه ان الشر الذي يصنع لابد عائد عليه وان ما يزرع الإنسان اليوم يحصده غداً فالذي يزرع سمسماً يحصد سمسماً والذي يزرع شوكاً يحصد شوكاً.

ويجب ان لا تخلط بين نظرية الكاما وبين الجزاء الأخلاقي.  ففكرة العدالة او الثواب والعقاب تنشأ من فكرة ديّان اعلى يصدر الشرائع ويقدر ما هو الخير وما هو الشر.  وكلمة العدالة كلمة غامضة وذات خطر وكثيراً ما اصاب البشرية بأسمها ضرراً أزيد من الخير.  ان نظرية الكاما هي ذات نظرية الفعل ورد الفعل او العلة والمعلول في عالم الطبيعة.  ولا صلة لها بفكرة العدل او الثواب والعقاب بل ان كل عمل إرادي له ثمرته ان خيراً فخير وان شراً فشر.

 

تعدد الموالد

ان قانون العلة والمعلول وقانون الكاما يساعدان الإنسان على فهم طبيعة العودة الى الحياة او المولد الجديد. فالبوذية تعد الموت نهاية مؤقتة لظاهرة مؤقتة.  والموت ليس معناه العدم عندها.  فهي وان اعترفت بأن الجسم مركب وكل مركب الى انحلال فأنها تقول في الوقت ذاته الكاما وهي الأفعال الإرادية كما قدمنا لا تزول بزوال البدن وانما تنتقل الى شكل اخر يناسب الحالة التي كانت مسيطرة على الإنسان ساعة موته ولذلك يصف العالم البوذي المتصوف "سوزوكي" هذه الحالة احسن وصف حين يقول: الموت والمولد حدثان متلازمان متعاقبان.  فحيثما وجدت الحياة وجد الموت وحيثما وجد الموت وجدت الحياة.

ورابندراث تاغور يصف الموت والمولد بقوله انها كالأم التي تنزع ثديها الأيمن من فم رضيعها لتعطيه ثديها الأيسر.

  ويمكن تلخيص كلامنا عن الكاما وتعدد الموالد في اسئلة ثلاثة:

من اين اتينا؟  من افعالنا الأرادية التي فعلناها.  الفضائل والرزائل الخير والشر.  من الجهود التي لم تستكمل من غيوم الجهل التي لم تتبدد. والشهوات التي لم تخضع.

ولماذا نحن هنا؟  نحن هنا بسبب ماضينا او مواضينا لنستكمل الجهد ونسدد الدين ونبدد الغيم ونخفف الشهوات.

الى اين؟  الى حيث يدفعنا قانون الكاما.  فالذين لم ينجزوا اعمالهم ولم يسددوا ديونهم ولم يخففوا شهواتهم يظلون مربوطون الى عجلة الحياة يعودون اليها كرة بعد كرة حتى يبلغوا التمام.  اما الذين سلكوا الطريق الوسيط واتموا العمل وبلغوا الغاية وانتهوا الى النرفانا وهي حالة انعدام الشهوات فقد نالوا الخلاص من عجلة الحياة. ان كشف القناع عن هذا الوهم الكبير الذي يجعلنا نتعلق بالحياة لهو عمل الإنسان في هذه الحياة.

 

الحقائق السامية

 

الحقائق السامية هي لب لباب البوذية وقد أعلنها المستنيربعد استنارته.  كان ذلك في حديقة الغزلان امام رفاقه الخمسة الذين كانوا معه في تقشفه المضني قبل بلوغ الأستنارة.

 

فما هي هذه الحقائق؟

الحقيقة الأولى          عن الشقاء

الحقيقة الثانية          عن منشأ الشقاء

الحقيقة الثالثة          عن انعدام الشقاء

الحقيقة الرابعة          عن الطريق الذي يقود الى انعدام الشقاء

والأن فالنبدأ الكلام عن هذه الحقائق في شيئ من التفصيل :-

 

الحقيقة الأولى

الشقاء

اما كلمة الشقاء فهي تقابل كلمة "دوكها" باللسان البالي وتعني الألم او الحزن او التعاسة وهي ضد كلمة "سوخا" ومعناها السعادة. وكلمة الشقاء هنا لا تعطينا المعنى الشامل للكلمة في لغتها الأصلية.  إذ ان كلمة "دوخا" اوسع شمولا. وربما كانت كلمة "كدر" العربية اقرب الى المعنى كما في قول الشاعر عن الدنيا :

طبت على كدر وانت زيدها

خلوا من الأقدار والأكدار.

 وتفسر بأن الحياة في رأي البوذية ليست إلا ألم وعناء.  والواقع الترجمة والتفسير يجانبان الدقة ويقودان الى سؤ فهم الحقائق البوذية ويجعل البعض يظن ان البوذية ديانة تشاؤمية.  ولذلك علينا ان نقول باديء ذي بدء ان البوذية لا تتشائم ولا تتفائل ولكنها تنظر الى الحياة نظرة واقعية موضوعية فلا تخدعك فتعيش في عالم الجهال ونميمهم ولا تزعجك بالمخاوف المتخيلة ولكنها ترشدك الى حقيقة نفسك وحقيقة العالم الذي من حولك وتدلك على الطريق الى الخلاص والسلام والسكينة والسعادة.


الحقيقه الثانيه: منشأ الشقاء

الشقاء الذي يعنيه المستنيرشقاء شامل محيط بالمخلوقات جميعها من منشأها الى زوالها.  فالمولد ألم.  والمرض ألم.  والشيخوخة ألم.  والموت ألم.  وفراق من تحب ألم.  والأجتماع بمن لا تحب ألم.  والسؤال الذي يتبادر الى الذهن هو ولماذا الألم؟  فيجيبنا راهولا بأن كلمة "دوكها" وإن كانت تعني الألم أو الشقاء فهي في الوقت نفسه تعني ما هو أدق وأعمق من الشقاء.  انها تعني ثلاث حالات هي من طبيعة الكون الذي نعيش فيه.  والحالات الثلاث هي:- عدم التمام وعدم الدوام والفراغ او الخواء.

الحاله الأولى - هذه هي الحاله الأولى عن الألم  فاذا فُهمت فهماً صحيحاً أمكن لنا ان نفهم الحالات الباقية.  وفي ذلك يقول المستنير:- من عرف الشقاء عرف منشأه وعرف سبيل انعدامه. وعرف الطريق المؤدى الى الانعدام. وينشأ الشقاء من الظمأ او الأشتهاء.  فالأشتهاء يقود إلى تعدد الموالد مصحوباً باللذة والرغبة والغبطة بالأشياء الزائلة هنا وهناك.

ومن أين ينشأ الأشتهاء؟

حيثما وجدت اشياء سارة ملذة وُجد الأشتهاء. فالعين والأذن والأنف والبدن والفكر كلها تدعو الى الإشتهاء.  والأشكال والأصوات والطعوم تدعونا الى الإشتهاء الذي هو مصدر شقائنا.

فاالإشتهاء يسبب الحروب والمنازعات بين الدول والأفراد والجماعات.  وهو الذي يشعل نيران البغضاء والحسد والخصام بين الإنسان واخيه الإنسان.  ثم ان هذا الأشتهاء الذائد للحياة هو الذي يربطنا إلى عجلة المولد والهرم والموت التي لا تنفك من الدوران.  وإن لم ينطفئ هذا الظمأ فأن الناس باقون في رقبة الشقاء.


الحقيقه الثالثة - انعدام الشقاء

.الحاله الثالثة هي حاله انعدام الشقاء او انقطاع الأشتهاء انقطاعاً تاماً لا تبقى معه بقية. ويكون ذلك بالزهد والترك والأنطلاق من أسار الرغبات وعدم التعلق بشئ واٍذاك يكون المريد كالصخرة الراسية التي لا تحركها الرياح.  فلا تستهويه الأشكال ولا تسحره الأصوات ولا تبهره الأضواء ولا تخدعه الملذات الحسية مرغوبة أو غير مرغوبة وهذه هي حالة الوصول الى "النرفانا".

وقد تسألني عن "النرفانا" ما هي؟  لقد كثُر عنها الحديث وكُتبت في شرحها المطولات.  ولكنها ظلت على كثرة ما قيل وما كتب غير قريبة الى الأفهام لأن اللغة وهي أداتنا في وصفها انما تصف ما ندركه بحواسنا أو نعرفه من تجاوبنا.  والنرفانا شيئ خارج من مدارك افهامنا ونطاق حواسنا: وهذا العجز أشبه بعجز السمكة من ان تحدثنا عن العيش على اليابسة وهي لا تعرف غير السباحة في الماء.

النرفانا هي طور لا أرض فيه ولا ماء ولا نور ولا هواء.  لا هو محدود ولا غير محدود. لا عقل فيه ولا وعي لا إدراك ولا لا إدراك.  ليس هو هذا العالم ولا ذاك العالم.  ايها المريدون هو طور لا اقول عنه أن فيه جيئة أو ذهاب لا مكث ولا وقوف.  لا موت ولا ولادة. لا عمد يستند عليها ولا اُسس يقوم عليها. أنه طور نهاية الشقاء.  انه هناك ما لم يولد. وما لم يكن وما لم يُخلق وما لم يُركب ولو لم يكن كذلك لما كان هناك مهرب لما يولد فيكون يُخلق ويُركب. ولكن ما دام يوجد ما لم يولد وما لم يركب وما لم يُخلق فهناك ملاذ مما يولد ومما يكون وما يخلق ومما يركب.

وقد سُئلت الراهبة (دامادنك) عن النرفانا وكان السؤال على الوجه التالي:-  اذا كان المعرفة يعقبها الأنطلاق والأنطلاق يعقبه "النرفانا" فما الذي يعقب النرفانا؟

فأجابت الراهبة: انك لتدفع بسؤالك بعيداً.  ان حياة النسك لهي من صميم النرفانا وهي وسيلة وغاية في آن واحد. ولم يقتنع السائل بالجواب فذهب الى المستنير وقص عليه امر السؤال وجواب الراهبة عليه. فقال المستنير: ان الراهبة (دامادنك) راسخة القدم في الحكمة ولو كنت سألتني هذا السؤال لما اجبتك بغير ما اجابت به.  فتأمل جوابها ملياُ.

فاذا اردت مزيداً من الأيضاح فأستمع الى العلآمة البوذي والبولا راهولا إذ يقول:

إن من يعرف الحق ويعرف النرفانا لهو أسعد مخلوق في الدنيا.  إذ يكون قد تحرر من المركبات والمعيقات والمشاغل التي يشقى بها الغير. إذ يغدو فكره صافياً وباله مطمأناً لا يأس علي ما فات ولا يهتم بما هو آت لانه يعيش في الحاضر. وأنك لتراه دائماً فرحاً ساكناً مسالماً خالٍ من الهم إذ خلا من الأشتهاء والبغضاء والجهل والغرور.  كما تراه دائماً نقياً تقياً يفيض على من حوله حباً ورحمةً وتفهماً وصبراً وكل ما يفعله من خير للناس يفعله وهو مجرد من فكره.

  حتى كلمة السعادة التي نصف بها النرفانا تختلف في معناها عن مفهوماتها فقد قال "سرابوتا":- " ايها الصحاب النرفانا هي السعادة.  فقيل له: ولكن كيف تكون السعادة إن لم يكن هناك إحساس؟  فاجابه سرابونا: " إن عدم وجود ألإحساس لهو من السعادة.  وخلاصة القول ان "النرفانا" شيئ وراء المنطق ووراء العقل ومحاولة فهمها بالمنطق أو بالعقل اشبه بمحاولة تلميذ لم يعرف جدول الضرب لكي يفهم نظرية النسبية.  فسبيلنا الى تحقيقها او رؤيتها هو ان نسلك الطريق بصبر وعزم وثبات."

ونختم هذا الفصل بحوار جريء بين كاتبة معاصرة وراهب بوذي في بانجكوك:

 -   ما هو الشيئ الذي يمكن ان يقال انه ذو قيمة في هذه الحياة؟

 -   شيئ واحد هو الأستنارة.

-  وما هي الأستنارة هل هي النرفانا؟

-  نعم.

-  ولكن ألا يمكن ان تفسر النرفانا بأنها النهاية أو الموت؟

-  كلا.  إانها لا تعني نهاية النفس بل نهاية الجهل.

-  ولكني قرأت بأن المستنير لم يكن يقول يوجد نفس او ذات.  وأن النرفانا حالة من الغبطة يعقبها الأنتهاء.  كما انه كان ينكر وجود الذات ووجود الله.

-  هذا سؤ فهم للبوذية من اناس يجهلون انفسهم.

-  إذن فلماذا يقول المستنير بعدم وجود شيئ حقيقي او دائم؟

-  وهل تجد في نفسك أو في بدنك أو في فكرك أو في ما حولك أو هذا الذي تدعوه "أنا" ما يمكن ان يوصف بالدوام؟

-  أفتكر لا.

-  وهل تعرف ما هو الدائم او الحقيقي؟

-  لا أعرف إلا إذا استثنينا "الله" اذا كنت ممن يؤمن به ولكني لا اؤمن به.  هل كان المستنير يؤمن به؟

-  إن المستنير لم يتكلم عن الله.  وهناك فرق بين عدم الكلام وعدم الإيمان فاذا عرف الإنسان الله بتجربته الخاصة وكان بين اقوام لا يشاركونه هذه المعرفة وهذه التجربة فمن العبث ان يتكلم لهم عنه فهم لا يفهمون ما يقول.  ولذلك فالأفضل ان يكتفي بأن يشير الى الطريق التي يمكن ان يسلكوها لهذه المعرفة.  ان الإنسان عليه ان يكشف هذا لنفسه وذلك بسلوك طريق الأستنارة. 

 

الحقيقة الرابعة :-  حقيقة الطريق الذي يقود الى انعدام الشقاء

 

الحقيقة الرابعة هي حقيقة الطريق الوسيط او الطريق الثماني وهو يتضمن:-

1-  الرأي الصحيح          5-  المعاش الصحيح

2- القصد الصحيح          6-  الجهد الصحيح

3- الكلام الصحيح          7-  التفكير الصحيح

4- العمل الصحيح          8-  التركيز الصحيح

هذا هو الطريق الذي علم به المستنير زهاء اربعين عاماً.  وسماه الطريق الوسيط لأنه يتجنب المغالاة في مطالب الحس. كما انه يتجنب المغالاة في قهر النفس. وقال في وصفه انه يقود الى السكينة والحكمة السامية والإستنارة الكاملة والنرفانا.

لنتأمل الأن في هذه الخطوات الثماني في قليل من التوضيح فنقول:-

1-  أما الرأي الصحيح فهو الفهم النفاذ الى حقيقة الحياة كما اوضحها المستنير وهي الشقاء ونشأته وانعدامه ثم الطريق الوسيط.

2-   والقصد الصحيح هو الذي لا تشوبه شائبة من سؤ نية أو شهوه أو قوة.

3- والكلام الصحيح هو الخالي من الكذب والسعاية والملامة والثرثرة. فاذا ابتعد الإنسان عن الكذب فعليه ان يكون صادقاً مهذباً لطيفاً.

4-  والعمل الصحيح يكون في تجنب السرقة والزنا. فالذي يسلك الطريق لا تمتد يده بأذى الى مخلوق بل يكون رحيماً بكل المخلوقات. 

5-  والمعاش الصحيح والكسب الحلال الذي لا يسبب أذى لإنسان او حيوان. -

6-  والجهد الصحيح يعني المحاولات الصادقة في تجنب الشر وعمل الخير والمواظبة على ذلك.  فأذا شاهد الأنسان منظراً بعينيه أو سمع صوتاً بأذنيه واذا شمّ رائحة بأنفه أو ذاق طعاماً بلسانه أو اذا أحسّ شيئاً بيديه أو فكر فيه بفكرة فعلية ان يراقب حواسه ويضبطها مبتعداً عن الشر مقبلاً على الخير وعندما يمارس ضبط النفس يغمره فرح قوي يصده عن الشر والأفكار الشريرة.

7-  والتفكير الصحيح هو التأمل في الحقائق البوذية.  فالتأمل فيها هو الطريق الى الطهارة والتغلب على الأحزان.

8-  التركيز الصحيح هو تركيز الفكر على موضوع واحد في ثبات وهو الذي يبلغ بالتأمل الى أبعد الغايات وأسماها.  وهو على أربعة مراحل :-

ففي المرحلة الأولى تترك الشهوات والرغبات الذاتية وسؤ النية والقلق والإرتياب ويغمر الإنسان شعور بالغبطة ونشاط  في التفكير.

وفي المرحلة الثانية يتوقف النشاط الفكري وينشأ حالة من السكينة والفرح.

وفي المرحلة الثالثة يختفي الشعور بالغبطة .

وفي المرحلة الرابعة تختفي كل مشاعر السعادة والشقاء الفرح والحزن.  وتسود السكينة النقية مع الأحساس بوجودها.

هذا هو الطريق الثاني الذي قضى المستنير اربعين عاماً أو أكثر يبشر به ويدعو اليه. لقد كان يتحدث للناس عنه في طرق مختلفة بحسب درجات مستمعيه من الأستعداد لتفهم حقائقه والسير فيها. ولا يفهم من تقسيم الطريق الى ثماني خطوات أو مداخل انه يمارس بالترتيب واحدة تلو الأخرى ولكنه يمارس ككل.  فكل خطوة تقود الى الأخرى وهو ككل متماسك ولكن يمكن ان يقال ان السلوك فيه يكون على ثلاث مراحل.  المرحلة الأولى مرحلة تجنب الشر والمرحلة الثانية مرحلة عمل الخير والمرحلة الثالثة مرحلة تزكية الفكر وتطهيره بالتأمل البوذي الصحيح.

ومن الخير ان نوضح ان العقيدة البوذية لا تشمل على وصايا كالوصايا العشر ولكن فيها تعهدات.  فالبوذي يتعهد بالأمتناع عن:-

1-  ايقاع الأذى بالكائنات الحية.

2-  أخذ ما لم يعط له.

3-  االإتصال الجنسي غير المشروع.

4-  الكذب.

5-  الشراب المسكر.

هذه هي التعهدات الخمسة التي يتعهد البوذي بالإمتناع عنها فأذا أتى شيئاً منها فسبيله الندم الصادق على ما أتى والعزم على عدم العودة اليه.

ان ممارسة الخلق القويم لهو سر البوذية فمن اهتدى الى الرأي الصحيح وعرف الحقائق الأربع السامية وتفهم قانون العلة والمعلول وفطن الى ناموس الكاما ليتقبل هذه التعهدات برضى ويمارسها بيقظة ومحاسباً نفسه.  ضابطاً لحواسه عالماً ان النفس  التي تنفطم عن رغباتها لا تتقدم في سلوك الطريق الوسيط.

 

وخير ما نختم به هذا الباب ما ختم به العلامة راهولا كلامه عن الطريق الوسيط حيث قال:-

" من هذا الشرح الموجز عن الطريق يمكنك ان ترى انه الطريق للحياة يستطيع ان يمارسه ويتقدم منه كل فرد.  ففيه حفظ لحركات البدن والفكر واللسان وفيه تنمية نفسية وتطهير.  ليس في الطريق شيئ من الإيمان بما لا يرى او الدعوات او المراسيم الدينية الأخرى.  فهو طريق يقود الى الوصول الى الحقيقة الكبرى والحرية التامة والسعادة والسلام وذلك بالسلوك القويم والتفكير المستقيم.  وفي بعض البلاد البوذية قد نجد عادات جميلة واحتفالات وطنية في المناسبات البوذية ولكن هذه لا شأن لها بذكر في سلوك الطريق ولكنها تعين بعض الناس ممن لم يتقدموا كثيراً في اذكاء المشاعر الصحيحة والأخذ بيدهم الى سلوك الطريق.